فصل: رسائل مختارة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كتاب العلم (نسخة منقحة)



.الفصل الثالث: فوائد متنوعة في العلم:

.الفائدة الأولى:

لابد لطالب العلم من مراعاة عدة أمور عند طلبه لأي علم من العلوم:
أولاً: حفظ متن مختصر فيه.
فإذا كنت تطلب النحو، فإن كنت مبتدئاً فلا أرى أحسن من متن الاجرومية؛ لأنه واضح وجامع وحاصر وفيه بركة، ثم متن ألفة ابن مالك؛ لأنها خلاصة علم النحو كما قال هو نفسه:
أحصى من الكفاية الخلاصة ** كما اقتصي غنى بلا خصاصة

وأما في الفقه فمتن زاد المستنقع، لأنه كتاب مخدوم بالشروح والحواشي والتدريس، وإن كان بعض المتون الأخرى أحسن منه من وجه، لكن هو أحسن من حيث كثرة المسائل الموجودة فيه، ومن حيث إنه مخدوم.
وأما في الحديث فمتن عمدة الأحكام، وإن ترقيت فبلوغ المرام، وإن كنت تقول إما هذا أو هذا، فبلوغ المرام أحسن؛ لأنه أكثر جمعاً للأحاديث، ولأن الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله بين درجة الحديث.
وأما في التوحيد فمن أحسن ما قرأنا متن كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، وأما في توحيد الأسماء والصفات فمن أحسن ما قرأت العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية، فهو كتاب جامع مبارك مفيد، وهلم جرا، خذ من كل فن تطلبه متناً مختصراً فيه واحفظه.
ثانياً: ضبطه وشرحه على شيخ متقن وتحقيق ألفاظه وما كان زائداً أو ناقصاً.
ثلاثاً: عدم الاشتغال بالمطولات، وهذه الفقرة مهمة لطالب العلم، فلابد لطالب العلم أن يتقن المختصرات أولاً حتى ترسخ العلوم في ذهنه ثم يُفيض إلى المطولات، لكن بعض الطلبة قد يغرب فيطالع المطولات ثم إذا جلس مجلساً قال: قال صحاب المغني، قال صاحب المجموع، قال صاحب الإنصاف، قال صاحب الحاوي، ليظهر أنه واسع الاطلاع، وهذا خطأ نحن نقول: ابدأ بالمختصرات حتى ترسخ العلوم في ذهنك، ثم إذا منَّ الله عليك، فاشتغل بالمطولات، وقياس ذلك بالأمر المحسوس أن ينزل مَنْ لم يتعلم السباحة إلى بحر عميق فإنه لا يستطيع أن يتخلص فضلاً عن أن يتقن.
رابعاً: لا تنتقل من مختصر إلى آخر بلا موجب فهذا من باب الضجر، وهذه آفة تقطع على الطالب طلبه وتضيع عليه أوقاته، فإذا كان كل يوم له كتاب يقرأ فيه، فهذا خطأ في منهج طالب العلم، فإذا قررت كتاباً من تب العلم فاستمر فيه، ولا تقول أقرأ كتاباً أو فصلاً من هذا الكتاب ثم أنتقل للآخر، فإن هذا مضيعة للوقت.
خامساً: اقتناص الفوائد والضوابط العلمية، فهناك فوائد التي لا تكاد تطرأ على الذهن، أو يندر ذكرها والتعرض لها، أو تكون مستجدة تحتاج إلى بيان الحكم فيها، فهذه اقتناصها، وقيدها بالكتابة، ولا تقول هذه معلومة عندي، ولا حاجة أن أقيدها، لأنها سرعان ما تُنسى، وكم من فائدة تمر بالإنسان فيقول هذه سهلة ما تحتاج إلى قيد، ثم بعد فترة وجيزة يتذكرها ولا يجدها.
لذلك احرص على اقتناص الفوائد التي يندر وقوعها أو يتجدد وقوعها، ومن أحسن ما ألف في هذا الموضوع كتاب العلامة ابن القيم رحمه الله بدائع الفوائد فقد جمع فيه من بدائع العلوم، ما لا تكاد تجده في كتاب آخر، فهو جامع في كل فن، كلما طرأ على باله مسألة أو سمع فائدة قيدها، ولهذا تجد فيه من علم العقائد، والفقه، والحديث، والتفسير، والنحو، والبلاغة وغيرها.
وأيضاً أحرص على الاهتمام بالضوابط.
ومن الضوابط: ما يذكره العلماء تعليلاً للأحكام، فإن كل التعليلات للأحكام الفقهية تعتبر ضوابط؛ لأنها تبنى عليها الأحكام، فهذه احتفظ بها، وسمعت أن بعض الإخوان يتتبع هذا الضوابط في الروض المربع ويحررها، وقلت من الأحسن أن يقوم بهذه طائفة، تتبع الروض المربع من أوله إلى آخره كلما ذكر علة تُقيد، لأن كل علة يبنى عليها مسائل كثيرة، إذ أن العلم له ضابط، فكل ضابط يدخل تحته جزئيات كثيرة.
فمثلاً إذا شك في طهارة ماء أو بنجاسته فإنه يبني على اليقين،فهذه العلة تعتبر حكماً وتعتبر ضابطاً.
أيضاً يعلل بأن الأصل بقاء ما كان على ما كان، فإذا شك في نجاسة طاهر فهو طاهر، أو في طهارة نجسر فهو نجس؛ لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان.
فإذا حرص طالب العلم ودوّن كلما مر عليه من هذه التعليلات وحررها وضبطها ثم حاول في المستقبل أن يبني عليها مسائل جزئية لكان في هذا فائدة كبيرة له ولغيره.
سادساً: جمع النفس للطلب، فلا يشتتها يميناً ويساراً، اجمع النفس على الطلب مادمت مقتنعاً بأن هذا منهجك وسبيلك، وأيضاً اجمع نفسك على الترقي فيه لا تبقى ساكناً. فكِّر فيما وصل إليه علمك من المسائل والدلائل حتى تترقى شيئاً فشيئاً، واستعن بمن تثق به من زملائك وإخوانك فيما إذا احتاجت المسألة إلى استعانة، ولا تستحي أن تقول يا فلان ساعدني على تحقيق هذه المسألة بمراجعة الكتب، الحياء لا ينال العلم به أحد، فلا ينال العلم مستحيي ولا مستكبر.

.الفائدة الثانية:

مما ينبغي لطالب العلم مراعاته تلقي العلم عن الأشياخ؛ لأنه يستفيد بذلك فوائد عدة:
1ـ اختصار الطريق، فبدلاً من أن يذهب يقلب في بطون الكتب وينظر ما هو القول الراجح وما سبب رجحانه، وما هو القول الضعيف وما سبب ضعفه، بدلاً من ذلك كله، يمد إليه المعلم ذلك بطريق سهل ويعرض له خلاف أهل العلم في المسائل على قولين أو أو ثلاثة مع بيان الراجح، والدليل كذا، وهذا لا شك أنه نافع لطالب العلم.
2ـ السرعة في الإدراك، فطالب العلم إذا كان يقرأ على عالم فإنه يدرك بسرعة أكثر مما رو ذهب يقرأ في الكتب؛ لأنه إذا قرأ في الكتب تمر عليه العبارات المشكلة والغامضة فيحتاج إلى التدبر وتكرار العبارة مما يأخذ منه الوقت والجهد، وربما فهمها على وجه خطأ وعمل بها.
3ـ الربط بين طلاب العلم والعلماء الربانيين، لذلك القراءة على العلماء أجدى وأفضل من قراءة الإنسان لنفسه.

.الفائدة الثالثة:

إذا دعت الحاجة للسؤال فليحسن طالب العلم السؤال، أما إذا لم تدع الحاجة فلا يسأل، لأنه لا ينبغي للإنسان أن يسأل إلا إذا احتاج هو أو ظن أن غيره يحتاج إلى السؤال، فقد يكون مثلاً في درس، وهو فاهم الدرس ولكن فيه مسائل صعبة تحتاج إلى بيانها لبقية الطلبة فليسأل من أجل حاجة غيره، والسائل لحاجة غيره كالمعلم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه جبريل وسأله عن الإيمان، والإحسان، والإسلام، والساعة وأشراطها، قال: «هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم»، فإذا كان الباعث على السؤال حاجة السائل فسؤاله وجيه، أو حاجة غيره وسأل ليعلم غيره فهذا أيضاً وجيه وطيب، أما إذا سأل ليقول الناس: ما شاء الله فلان عنده حرص على العلم، كثير السؤال، فهذا غلط، وعلى العكس من ذلك من يقول: لا أسأل حياءً، فالثاني مُفْرِط، وخير الأمور الوسط.
كذلك ينبغي أن يكون عند طالب العلم حسن الاستماع لجواب العالم، وصحة الفهم للجواب، فبعض الطلبة إذا سأل وأجيب تجده يستحي أن يقول ما فهمت.
والذي ينبغي لطالب العلم إذا لم يفهم أن يقول ما فهمت لكن بأدب وتوقير للعالم.

.الفائدة الرابعة:

الحفظ ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: غريزي: يهبه الله تعالى لمن يشاء، فتجد الإنسان تمر عليه المسألة والبحث فيحفظه ولا ينساه.
والقسم الثاني: كسبي: بمعنى أن يمرن الإنسان نفسه على الحفظ، ويتذكر ما حفظ فإذا عود نفسه تذكر ما حفظ سهل عليه حفظه.

.الفائدة الخامسة:

المجادلة والمناظرة نوعان:
النوع الأول: مجادلة مماراة: يماري بذلك السفهاء ويجاري العلماء ويريد أن ينتصر قوله فهذه مذمومة.
النوع الثاني: مجادلة لإثبات الحق وإن كان عليه فهذه محمودة مأمور بها، وعلامة ذلك ـ أي المجادلة الحقة ـ أن الإنسان إذا بان له الحق اقتنع وأعلن الرجوع، أما المجادل الذي يريد الانتصار لنفسه فتجده لو بان أن الحق مع خصمه، يورد إيرادات يقول: لو قال قائل، ثم إذا أجيب قال: لو قال قائل، ثم إذا أجيب قال: لو قال قائل، ثم تكون سلسلة لا منتهى له، ومثر هذا عليه خطر ألا يقبل قلبه الحق، لا بالنسبة للمجادلة مع الآخر ولكن في خلوته، وربما يورد الشيطان عليه هذه الإيرادات فيبقى في شك وحيرة، كما قال الله تبارك وتعالى {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} (الأنعام: 110) وقال الله تعالى {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ} (المائدة: من الآية 49). فعليك يا أخي بقبول الحق سواء مع مجادلة غيرك أو مع نفسك، فمتى تبين لك الحق فقل: سمعنا وأطعنا، وآمنا وصدقنا.
ولهذا تجد الصحابة يقبلون ما حكم به الرسول عليه الصلاة والسلام أو ما أخبر به دون أن يوردوا عليه الاعتراضات.
فالحاصل أن المجادلة إذا كان المقصود بها إثبات الحق وإبطال الباطل فهي خير، وتعودها وتعلمها خير لا سيما في وقتنا هذا، فإنه كثُرَ فيه الجدال والمراء، حتى أن الشيء يكون ثابتاً وظاهراً في القرآن والسنة يم يورد عليه إشكالات.
وهنا مسألة: وهي أن بعض الناس يتحرج من المجادلة حتى وإن كانت حقاً استدلالاً بحديث: «وأنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً» فيترك هذا الفعل.
فالجواب: من ترك المراء في دين الله فليس بمحق إطلاقاً؛ لأن هذا هزيمة للحق، لكن قد يكون محقًّا إذا كان تخاصمه هو وصاحبه في شيء ليس له علاقة بالدين أصلاً، قال: رأيت فلاناً في السوق، ويقول الآخر: بل رأيته في المسجد، ويحصل بينهما جدال وخصام فهذه هي المجادلة المذكورة في الحديث، أما من ترك المجادلة في نصرة الحق فليس بمحق إطلاقاً فلا يدخل في الحديث.

.الفائدة السادسة:

من الأمور التي ينبغي لطالب العلم أن يهتم بها المذاكرة، والمذاكرة نوعان:
النوع الأول: مذاكرة مع النفس، بأن تجلس مثلاً جلسة وحدك ثم تعرض مسألة من المسائل أو مسألة قد مرت عليك، ثم تأخذ في محاولة عرض الأقوال وترجيح ما قيل في هذه المسألة بعضها على بعض، وهذه سهلة على طالب العلم، وتساعد على مسألة المناظرة السابقة.
النوع الثاني: مذاكرة مع الغير، بأن يختار من إخوانه الطلبة من يكون عوناً له على طلب العلم، مفيداً له، فيجلس مع ويتذاكرون، يقرأ مثلاً ما حفظاه، كل واحد يقرأ على الآخر قليلاً، أو يتذاكران في مسألة من المسائل بالمراجعة أو بالمفاهمة إن قدرا على ذلك فإن هذا مما ينمي العلم ويزيده، لكن إياك والشغب والصلف؛ لأن هذا لا يفيد.

.الفائدة السابعة: كراهية التزكية والمدح والتكبر على الخلق:

وهذه يبتلي بها بعض الناس فيزكي نفسه، ويرى أن ما قاله هو الصواب وأن غيره إذا خالفه فهو مخطئ وما أشبه ذلك، كذلك حب المدح تجده يسأل عما يقال عنه فإذا وجد أنهم مدحوه انتفخ وزاد انتفاخه حتى يعجز جلده عن تحمل بدنه، كذلك التكبر على الخلق، بعض الناس ـ والعياذ بالله ـ إذا آتاه الله علماً تكبر، الغني بالمال ربما يتكبر ولهذا جعل النبي صلى الله عليه وسلم: «العائل المستكبر من الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب أليم»، لأنه ليس عنده مال يوجب الكبرياء، لكن العالم لا ينبغي أن يكون كالغني كلما ازداد علماً ازداد تكبراً، بل ينبغي العكس كلما ازداد علماً ازداد تواضعاً؛ لأن من العلوم التي يقرأها أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، وأخلاقه كلها تواضع للحق وتواضع للخلق، لكن على كل حال إذا تعارض التواضع للحق مع التواضع للخلق أيهما يقدم؟
يقدم التواضع للحق، فمثلاً لو كان هناك إنسان يسب الحق ويفرح بمعاداة من يعمل به، فنا لا تتواضع له، تواضع للحق، وجادل هذا الرجل حتى وإن أهانك أو تكلم فيك فلا تهتم به، فلابد من نصرة الحق.

.الفائدة الثامنة:

زكاة العلم تكون بأمور:
الأمر الأول: نشر العلم: نشر العلم من زكاته، فكما يتصدق الإنسان بشيء من ماله، فهذا العالم يتصدق بشيء من علمه، وصدقة العلم أبقى دوماً وأقل كلفة ومؤنة، أبقى دوماً؛ لأنه ربما كلمة من عالم تُسمع ينتفع بها أجيال من الناس ومازلنا الآن ننتفع بأحاديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ ولم ننتفع بدرهم واحد من الخلفاء الذين كانوا في عهده، وكذلك العلماء ننتفع بكتبهم ومعهم زكاة وأي زكاة، وهذه الزكاة لا تنقص العلم بل تزيده كما قيل:
يزيده بكثرة الإنفاق منه ** وينقص إن به كفًّا شددت

الأمر الثاني: العمل به: لأنه العمل به دعوة إليه بلا شك، وكثير من الناس يتأسون بالعالم، بأخلاقه وأعماله أكثر مما يتأسون بأقواله، وهذا لا شك زكاة.
الأمر الثالث: الصدع بالحق: وهذا من جملة نشر العلم ولكن النشر قد يكون في حال السلامة وحال الأمن على النفس وقد يكون في حال الخوف على النفس، فيكون صدَّعاً بالحق.
الأمر الرابع: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا شك أن هذا من زكاة العلم، لأن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر عارف للمعروف وعارف للمنكر ثم قائم بما يجب عليه من هذه المعرفة من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

.الفائدة التاسعة: موقف طالب العلم من وَهْمِ وخطأ العلماء:

هذا الموقف له جهتان:
الأولى: تصحيح الخطأ: وهذا أمر واجب، يجب على من عثر على وهم إنسان ولو كان من أكبر العلماء أن ينبه على هذا الوهم وعلى هذا الخطأ لأن بيان الحق أمر واجب وبالسكوت يمكن أن يضيع الحق لاحترام من قال بالباطل؛ لأن احترام الحق أولى بالمراعاة.
لكن هل يصرح بقائل الوهم أو الخطأ؟ أو يقول توهم بعض الناس فقال كذا وكذا؟
الجواب: ينظر لما تقتضيه المصلحة، قد يكون من المصلحة ألا يصرح، كما لو كان يتكلم عن عالم مشهور في عصره موثوق عند الناس، محبوب إليهم، يقول: قال فلان: كذا، وكذا وهذا خطأن فإن العامة لا يقبلون كلامه بل يسخرون منه ولا يقبلون الحق، ففي هذه الحالة ينبغي أن يقول: من الخطأ أن يقول القائل كذا وكذا، ولا يذكر اسمه، وقد يكون هذا الرجل الذي توهم متبوعاً، يتبعه شرذمة من الناس وليس له قدر في المجتمع فحينئذ يصرح لئلا يغتر الناس به، فيقول: قال فلان كذا وكذا وهو خطأ.
الثانية: أن يقصد بذلك بيان معايبه لا بيان الحق من الباطل، وهذه تقع من إنسان حاسد ـ والعياذ بالله ـ يتمنى أن يجد قولاً ضعيفاً أو خطأ لشخص ما فينشره بين الناس، ولهذا نجد أهل البدع يتكلمون في شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ وينظرون إلى أقرب شيء يمكن أن يقدح به فينشرونه ويعيبونه، مثلاً يقولون خالفت الإجماع في أن الطلاق الثلاث واحدة فيقولون هذا شاذ، ومن شذ في النار، وأمثال هذا كثير.
المهم أن يكون قصدك من البيان إظهار الحق ومن كان قصده الحق وُفق لقبوله، أما من كان قصده أن يظهر عيوب الناس فإن من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في جوف بيته، فإذا عثرت على وهم عالم، حاول أن تدفع اللوم عنه وأن تذب عنه، لا سيما إذا كان من العلماء المشهود لهم بالعدالة والخير ونصح الأمة.

.الفائدة العاشرة: في المقصود ببركة العلم:

قبل بيان المقصود بالبركة في العلم لابد أن نعرف البركة فهي كما يقول العلماء الخير الكثير الثابت ويعيدون ذلك إلى اشتقاق هذه الكلمة فإنها ن البركة وهي مجمع الماء، والبركة التي هي مجمع الماء مكان واسع، ماؤه كثير ثابت، فالبركة هي الخيرات الكثيرة الثابتة، من كل شيء من المال والولد ومن العلم؟ وكل شيء أعطاه الله ـ عز وجل ـ لك تسأل الله سبحانه البركة فيه؛ لأن الله ـ عز وجل ـ إذا لم يبارك لك فيما أعطاك حرمت خيراً كثيراً.
ما أكثر الناس الذين عندهم المال الكثير وهم في عداد الفقراء لماذا؟ لأنهم لا ينتفعون بما لهم، تجد عندهم من الأموال ما لا يحصى، لكن يقصر على أهله في النفقة، وعلى نفسه ولا ينتفع بماله، والغالب أن من كانت هذه حاله وبخل بما يجب عليه، أن يسلط الله على أمواله آفات تذهبها، كثير من الناس عنده أولاد لكن أولاده لم ينفعوه، عندهم عقوق واستكبار على الأب، حتى أنه ـ أي الولد ـ يجلس إلى صديقه الساعات الطويلة يتحدث إليه ويأنس به ويفضي إليه أسراره ـ لكنه إذا جلس عند أبيه، فإذا هو كالطير المحبوس في القفص ـ والعياذ بالله ـ لا يأنس بأبيه، ولا يتحدث إليه، ولا يفضي إليه بشيء من أسراره، ويستثقل حتى رؤية والده: فهؤلاء لم يبارك لهم في أولادهم.
أما البركة في العلم فتجد بعض الناس قد أعطاه الله علماً كثيراً لكنه بمنزلة الأمي فلا يظهر أثر العلم عليه في عباداته، ولا في أخلاقه ولا في سلوكه، ولا في معاملاته مع الناس، بل قد يكسبه العلم استكباراً على عباد الله وعلوًّا عليهم واحتقاراً لهم، وما علم هذا أن الذي منَّ عليه بالعلم هو الله، وإن الله لو شاء لكان مثل هؤلاء الجهال.
تجده قد أعطاه الله علماً، ولكن لم ينتفع الناس بعلمه. لا بتدريس ولا بتوجيه، ولا بتأليف، بل هو منحصر على نفسه، لم يبارك الله له في العلم، وهذا بلا شك حرمان عظيم، مع أن العلم من أبرك ما يعطيه الله العبد؛ لأن العلم إذا علمته غيرك، ونشرته بين الأمة، أجرت على ذلك من عدة وجوه:
أولاً: أن في نشرك العلم نشراً لدين الله ـ عز وجل ـ فتكون من المجاهدين، فالمجاهد في سبيل الله يفتح البلاد بلداً بلداً حتى ينشر فيها الدين، وأنت تفتح القلوب بالعلم حتى تنشر فيها شريعة الله ـ عز وجل ـ.
ثانياً: من بركة نشر العلم وتعليمه، أن فيه حفظاً لشريعة الله وحماية لها؛ لأنه لولا العلم لم تحفظ الشريعة، فالشريعة لا تحفظ إلا برجالها رجال العلم، ولا يمكن حماية الشريعة إلا برجال العلم، فإذا نشرت العلم، وانتفع الناس بعلمك، حصل في هذا حماية لشريعة الله، وحفظ لها.
ثالثاً: فيه أنك تُحسن إلى هذا الذي علمته؛ لأنك تبصره بدين الله ـ عز وجل ـ فإذا عبد الله على بصيرة؛ كان لك من الأجر مثل أجره؛ لأنك أنت الذي دللته على الخير، والدال على الخير كفاعل الخير، فالعلم في نشره خير وبركة لناشره ولمن نُشر إليه.
رابعاً: أن في نشر العلم وتعليمه زيادة له، علم العالم يزيد إذا علم الناس؛ لأنه استذكار لما حفظ، وانفتاح لما لم يحفظ، وما أكثر ما يستفيد العالم من طلبة العلم، فطلابه الذين عنده أحياناً يأتون له بمعان ليست له على بال، ويستفيد منهم وهو يعلمهم، وهذا شيء مشاهد.
ولهذا ينبغي للمعلم إذا استفاد من الطالب، وفتح له الطالب شيئاً من أبواب العلم ـ ينبغي له أن يشجع الطالب، وأن يشكره على ذلك، خلافاً لما يظنه بعض الناس أن الطالب إذا فتح عليه، وبين له شيئاً كان خفيًّا عليه، تضايق المعلم، يقول هذا صبي يعلم شيخاً فيتضايق، ويتحاشى بعد ذلك أن يتناقش معه، خوفاً من أن يطلعه على أمر قد خفي عليه، وهذا من قصور علمه بل من قصور عقله.
لأنه إذا منَّ الله عليك بطلبة يذكرونك ما نسيت ويفتحون عليك ما جهلت، فهذا من نعمة الله عليك، فهذا من فوائد نشر العلم أنه يزيد إذا علمت العلم كما قال القائل مقارناً بين المال والعلم يقول في العلم:
يزيد بكثرة الإنفاق منه ** وينقص إن به كفًّا شددت

إذا شددت به كفًّا، وأمسكته نقص، أي تنساه، ولكن إذا نشرته يزداد.
وينبغي للإنسان عند نشر العلم أن يكون حكيماً في التعليم، بحيث يلقي على الطلبة المسائل التي تحتملها عقولهم فلا يأتي إليهم بالمعضلات، بل يربيهم بالعلم شيئاً فشيئاً.
ولهذا قال بضعهم في تعريف العالم الرباني: العالم الرباني هو: الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره.
ونحن نعْلَمُ جميعاً أن البناء ليس يؤتي به جميعاً حتى يوضع على الأرض، فيصبح قصراً مشيداً بل يبنى لبنة لبنة، حتى يكتمل البناء، فينبغي للمعلم أن يراعي أذهان الطلبة بحيث يلقي إليهم ما يمكن لعقولهم أن تدركه، ولهذا يؤمر العلماء أن يحدثوا الناس بما يعرفون.
قال ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ: إنك لن تحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة.
كذلك أيضاً ينبغي لمعلم أن يعتني بالأصول والقواعد؛ لأن الأصول والقواعد هي التي يبنى عليها العلم.
وقد قال العلماء: من حُرم الأصول حُرم الوصول، أي لا يصل إلى الغاية إذا حرم الأصول، فنبغي أن يلقي على الطلبة القواعد والأصول التي تتفرع عليها المسائل الجزئية؛ لأن الذي يتعلم على المسائل الجزئية لا يستطيع أن يهتدي إذا أتته معضلة فيعرف حكمها؛ لأنه ليس عنده أصل.

.رسائل مختارة:

.الرسالة الأولى: حسن الخلق وأهميته لطالب العلم:

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه الله تعالى بين يدي الساعة بشيراً ونذيرا، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، ووفق الله من شاء من عباده فاستجاب لدعوته، واهتدى بهديه، وخذل الله بحكمته من شاء من عباده فاستكبر عن طاعته، وكذب خبره، وعاند أمره، فباء بالخسران والضلال البعيد.
أيها الأخوة، يطيب لي أن أتحدث إليكم عن الخلق الحسن، والخلق كما يقول أهل العلم هو: صورة الإنسان الباطنة؛ لأن للإنسان صورتين:
صورة ظاهرة، وهي خلقته التي جعل الله البدن عليه. وكما نعلم جميعاً أن هذه الصورة الظاهرة منها ما هو جميل حسن، ومنها ما هو قبيح سيئ، ومنها ما بين ذلك.
وصورة باطنة، منها صورة حسنة ومنها صورة سيئة، ومنها ما بين ذلك. وهذا ما يعبر عنه بالخلق.
فالخُلُق إذن هو:
الصورة الباطنة التي طُبعَ الإنسان عليها، وكما يكون الخُلُق طبيعة فإنه يكون كسباً. بمعنى أن الإنسان كما يكون مطبوعاً على الخُلُق الحسن الجميل قد يحصل على الخُلُق الحسن الجميل عن طريق الكسب والمرونة، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس: «إن فيك خصلتين يحبهما الله، الحلم والأناة. قال يا رسول الله أهما خُلُقان تخلقت بهما أم جبلني الله عليهما؟ قال: بل جبلك الله عليهما».
فهذا دليل على أن الأخلاق الفاضلة تكون طبعاً وتكون تطبعاً، ولكن الطبع بلا شك أحسن من التطبع؛ لأن الخلق إذا كان طبيعيًّا صار سجية للإنسان وطبيعة له لا يحتاج في ممارسته إلا تكلف، ولا يحتاج في ممارسته إلى تصنع، ولكن هذا فضل الله يؤتيه من يشاء. ومن حُرم هذا أي من حرم الخلق على سبيل الطبع فإنه يمكنه أن يناله على سبيل التطبع، وذلك بالمرونة والممارسة كما سنذكره إن شاء الله تعالى.
وكثير من الناس يذهب فهمه إلى أن حسن الخلق لا يكون إلا في معاملة الخلق، دون معاملة الخالق. ولكن هذا الفهم قاصر فإن حسن الخلق كما يكون في معاملة الخلق يكون فيم معاملة الخالق.
فموضوع حسن الخلق إذن معاملة الخالق ـ جل وعلا ـ، ومعاملة الخلق أيضاً.
فما هو حسن الخلق في معاملة الخالق؟
حسن الخلق في معاملة الخالق يجمع ثلاث أمور:
1ـ تلقي أخبار الله تعالى بالتصديق.
2ـ وتلقي أحكامه بالتنفيذ والتطبيق.
3ـ وتلقي أقداره بالصبر والرضا.
فهذه ثلاث أشياء عليها مدار حسن الخلق مع الله ـ عز وجل:
أولاً: تلقي أخباره بالتصديق بحيث لا يقع عند الإنسان شك أو تردد في تصديق خبر الله تعالى، لأن خبر الله ـ سبحانه وتعالى ـ صادر عن علم وهو أصدق القائلين كما قال تعالى عن نفسه: {ومن أصدق من الله حديثا} النساء، الآية: 87.
ولازم تصديق أخبار الله أن يكون الإنسان واثقاً بها مدافعاً عنها مجاهداً بها، بحيث لا يدخله شك، أو تشكيك في أخبار الله ـ سبحانه وتعالى ـ وأخبار رسوله صلى الله عليه وسلم، وإذا تخلق بهذا الخلق أمكنه أن يدفع كل شبهة يوردها المغرضون على أخبار رسوله صلى الله عليه وسلم، سواء أكانوا من المسلمين الذين ابتدعوا في دين الله ما ليس منه أم كانوا ن غير المسلمين الذين يلقون الشبهة في قلوب المسلمين، ولنضرب لذلك مثلاً: ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه، فإن فإحدى جناحيه داء والأخرى شفاء».
هذا خبر رسوله الله صلى الله عليه وسلم، وهو صلى الله عليه وسلم في أمور الغيب لا ينطق بما أوحى الله إليه؛ لأنه بشر والبشر لا يعلم الغيب بل قد قال الله له: {قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن اتبع إلا ما يوحي إلي}. الأنعام، الآية: 50. هذا الخبر يجب علينا أن نقابله بحسن الخلق وحسن الخلق نحو هذا الخبر أن نتلقى هذا الخبر بالقبول، وأن نجزم بأن ما قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث فهو حق وصدق وإن اعترض عليه من يعترض. ونعلم علم اليقين أن ما خالف ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه باطل؛ لأن الله تعالى يقول: {فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} (يونس: 32).
ومثال آخر:
من أخبار يوم القيامة، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الشمس تدنو من الخلائق يوم القيامة بقدر ميل، سواء كان ميل المكحلة أو ميل المسافة،هذه المسافة بين الشمس ورؤوس الخلائق قليلة، ومع ذلك فإن الناس لا يحترقون بحرّها مع أن الشمس لو تدنو الآن في الدنيا مقدار أنملة لاحترقت الدنيا، فقد يقول قائل كيف تدنو من رؤوس الخلائق يوم القيامة بهذه المسافة ثم يبقى الناس؟ فما هو حسن الخلق نحو هذا الحديث؟ حسن الخلق نحو هذا الحديث أن نقبله ونصدق به، وأن لا يكون في صدورنا حرج منه، ولا ضيق، ولا تردد، وأن نعلم أن ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا فهو حق، ولا يمكن أن نقيس أحوال الآخرة على أحوال الدنيا لوجود الفارق العظيم. فإذا كان كذلك فإن المؤمن يقبل مثل هذا الخبر بانشراح وطمأنينة ويتسع فهمه له.
ثانياً: تلقي أحكامه بالتنفيذ والتطبيق: إن حسن الخلق في معاملة الله بالنسبة للأحكام أن يتلقاها الإنسان بالقبول والتنفيذ والتطبيق فلا يرد شيئاً من أحكام الله، فإذا ردّ شيئاً من أحكام الله، فهذا سوء خلق مع الله سواء ردها منكراً حكمها، أو ردها مستكبراً عن العمل بها، أو ردها متهاوناً بالعمل بها، فإن ذلك مناف لحسن الخلق مع الله ـ عز وجل ـ.
ولنضرب لذلك مثلاً، الصوم لا شك أنه شاق على الإنسان؛ لأن الإنسان يترك فيه المألوف من طعام وشراب ونكاح، وهذا أمر شاق، ولكن المؤمن حسن الخلق مع ربه ـ عز وجل ـ يقبل هذا التكليف بانشراح صدر وطمأنينة، وتتسع له نفسه فتجده يصوم الأيام الحارة الطويلة وهو بذلك راضٍ منشرح الصدر؛ لأنه يحسن الخلق مع ربه. أما سيئ الخُلُق مع الله فيقابل مثل هذه العبادة بالضجر والكراهية ولولا أنه يخشى من أمر لا تحمد عقباه لكان لا يلتزم بالصيام.
ومثال آخر:
الصلاة لا شك أنها ثقيلة على بعض الناس، وهي ثقيلة على المنافقين، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر»، لكن الصلاة بالنسبة للمؤمن قرة عينه وراحة نفسه، قال الله تعالى {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} (البقرة: 45) {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (البقرة: 46) على هؤلاء غير كبيرة بل إنها سهلة يسيرة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «جعلت قرة عيني في الصلاة».
فحسن الخلق مع الله ـ عز وجل ـ بالنسبة للصلاة، أن تؤديها وقلبك منشرح مطمئن وعيناك قريرتان، تفرح إذا كنت متلبساً بها وتنتظرها إذا أقبل وقتها، فإذا صليت الفجر كنت في شوق إلى صلاة الظهر، وإذا صليت الظهر كنت في شوق إلى صلاة العصر، وإذا صليت العصر كنت في شوق إلى صلاة المغرب، وإذا صليت المغرب كنت في شوق إلى صلاة العشاء، وإذا صليت العشاء كنت في شوق إلى صلاة الفجر، وهكذا دائماً قلبك معلق بهذه الصلوات.
ونضرب مثالاً ثالثاً في المعاملات:
في المعاملات حرم الله عينا الربا، حرمه تحريماً صريحاً في القرآن كما قال الله تعالى: {وأحل الله البيع وحرم الربا}. البقرة، الآية: 275. وقال فيه: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (البقرة: من الآية 275) فتوعد من عاد إلى الربا بعد أن جاءته الموعظة وعلم الحكم توعده بالخلود في النار والعياذ بالله. المؤمن يقبل هذا الحكم بانشراح ورضا وتسليم. وأما غير المؤمن؛ فإنه لا يقبله ويضيق صدره به، يتحيل عليه بأنواع الحيل لأننا نعلم أن في الربا كسباً متيقناً وليس فيه مخاطرة، لكنه في الحقيقة كسب لشخص وظلم لآخر. ولهذا قال الله تعالى {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ} (البقرة: من الآية 279) أما الأمر الثالث من موضوع حسن الخلق مع الله فهو تلقي أقداره بالصبر والرضا، وكلنا يعلم أن أقدار الله ـ عز وجل ـ التي ينفذها في خلقه بعضها ملائم وبعضها غير ملائم.
هل المرض يلائم الإنسان؟ أبداً الإنسان يحب أن يكون صحيحاً. وهل الفقر يلائم الإنسان؟ لا. فالإنسان يحب أن يكون غنيًّا. وهل الجهل يلائم الإنسان؟ لا. فالإنسان يحب أن يكون عالماً. لكن أقدار الله ـ عز وجل ـ بحكمته تتنوع منها ما يلائم الإنسان ويستريح له بمقتضى طبيعته، ومنها ما لا يكون كذلك. فما هو حسن الخلق مع الله ـ عز وجل ـ نحو أقدار الله؟
حسن الخلق مع الله نحو أقداره أن ترضى بما قدر الله لك، وأن تطمئن إليه، وأن تعلم أن الله سبحانه وتعالى ـ ما قدره لك إلا لحكمة وغاية محمودة يستحق عليها الشكر، وعلى هذا فإن حسن الخلق مع الله نحو أقداره هو أن الإنسان يرضى ويستسلم ويطمئن. ولهذا امتدح الله تعالى الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون. وقال: {وبشر الصابرين}. البقرة، الآية: 155.
ونوجز ما سبق:
نقول إن حسن الخلق كما يكون في معاملة الخلق يكون في معاملة الخالق، وأن حسن الخلق في معاملة الخالق هو تلقي أخباره بالتصديق وتلقي أحكامه بالقبول والتطبيق. وتلقي أقداره بالصبر والرضا. هذا حسن الخلق مع الله.
أما حسن الخلق مع المخلوق فعرفه بعضهم. ويذكر عن الحسن البصري أنه كف الأذى، وبذل الندى، وطلاقة الوجه.
ثلاثة أمور:
1ـ كف الأذى.
2ـ بذل الندى.
3ـ طلاقة الوجه.
ومعنى كف الأذى، أن الإنسان يكف أذاه عن غيره سواء كان هذا الأذى يتعلق بالمال، أو يتعلق بالنفس، أو يتعلق بالعرض. فمن لم يكف أذاه عن الخلق فليس من حسن الخُلق، بل هو سيئ الخُلق. وقد أعلن الرسول صلى الله عليه وسلم في أعظم مجمع اجتمع به في أمته. قال: «إن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم، عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا».
إذا كان رجل يعتدي على الناس بالخيانة، أو يعتدي على الناس بالضرب والجناية، أو يعتدي على الناس في العرض، أو بالسب والغيبة. فهذا ليس بحسن الخلق مع الناس؛ لأنه لم يكف أذاه عنهم، ويعظم إثم ذلك كلما كان موجهاً إلى من له حق عليك أكبر. فالإساءة إلى الوالدين مثلاً أعظم من الإساءة إلى غيرهما، والإساءة إلى الأقارب أعظم من الإساءة إلى الأباعد، والإساءة إلى الجيران أعظم من الإساءة إلى من ليسوا من جيراناً لك.ولهذا قال النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ: «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل: مَن يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه». وفي رواية لمسلم: «لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه» والبوائق هي: الشرور.
وأما بذل الندى، الندى هو الكرم والجود. يعني أن تبذل الكرم والجود، والكرم ليس كما يظنه بعض الناس هو أن تبذل المال، بل الكرم يكون في بذل النفس، وفي بذل الجاه، وفي بذل المال، إذا رأينا شخصاً يقضي حوائج الناس يساعدهم يتوجه في شئونهم إلى من لا يستطيعون الوصول إليه، ينشر علمه بين الناس، يبذل ماله بين الناس، فإنا نصفه بحسن الخلق لأنه بذل الندى، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اتق الله حيثما كنت، واتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن».
ومعنى ذلك أنك إذا ظُلمت أو أسيء إليك فإنك تعفو وتصفح، وقد امتدح الله العافين عن الناس فقال في الجنة {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (آل عمران: 134) وقال الله تعالى: {وأن تعفوا أقرب للتقوى}. البقرة، الآية: 237. وقال تعالى: {وليعفوا وليصفحوا}. النور، الآية: 22.
وكل إنسان يتصل بالناس فلابد أن يجد من الناس شيئاً من الإساءة، فموقفه من هذه الإساءة أن يعفوا ويصفح، وليعلم علم اليقين أنه بعفوه وصفحه ومجازاته بالحسنى سوف تنقلب العداوة بينه وبين أخيه إلى ولاية وصداقة. قال الله تعالى {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (فصلت: 34) فما هو الأحسن، السيئة أم الحسنة؟ الحسنة. وتأملوا أيها العارفون باللغة العربية كيف جاءت النتيجة بإذا الفجائية تدل على الحدث الفوري في نتيجتها. {فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} ولكن هل كل أحد يوفق إلى ذلك؟ لا {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (فصلت: 35).
وهاهنا مسألة:
هل نفهم من هذا أن العفو عن الجاني مطلقاً محمود ومأمور به؟
قد نفهم من هذا الكلام أن العفو مطلقاً محمود ومأمور به. ولكن ليكن معلوماً لديكم أن العفو إنما يُحمد إذا كان العفو أحمد، ولهذا قال الله تعالى {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} (الشورى: 40) فجعل العفو مقروناً بالإصلاح، وهل يمكن أن يكون العفو غير إصلاح؟
الجواب: نعم. قد يكون هذا الذي اجترأ عليك وجنى عليك رجلٌ شريرُ، معروف بالشر والفساد، فلو عفوت عنه لتمادى في شره، وفساده، فما هو الأفضل حينئذ، أن نعفو أو نأخذ بالجريمة؟
الأفضل أن نأخذ بالجريمة؛ لأن في ذلك إصلاحاً.
قال شيخ الإسلام: الإصلاح واجب، والعفو مندوب. فإذا كان في العفو فوات الإصلاح فمعنى ذلك أننا قدمنا مندوباً على واجب. وهذا لا تأتي به الشريعة. وصدق رحمه الله.
وإنني بهذه المناسبة أود أن أنبه على مسألة يفعلها كثير من الناس بقصد الإحسان، وهي أن تقع حادثة من شخص فيهلك بسببها شخص آخر، فيأتي أولياء المقتول فيسقطون الدية عن هذا الجاني الذي فعل الحادث، فهل إسقاطهم محمود ويعتبر من حسن الخلق أو في ذلك تفصيل؟ في ذلك تفصيل.
لابد أن نتأمل ونفكر في حال هذا الجاني الذي وقع منه الحادث هل هو من الناس المعروفين بالتهور وعدم المبالاة؟ هل هو من الطراز الذي يقول أنا لا أبالي أن أصدم شخصاً لأن ديته في الدرج. والعياذ بالله؟
أم أنه رجل حصلت منه الجناية مع كمال التحفظ وكمال الاتزان ولكن الله تعالى قد جعل كل شيء بمقدار؟ فالجواب: إن كان من الطراز الثاني فالعفو بحقه أولى، ولكن قبل العفو حتى في الطراز الثاني يجب أن نلاحظ هل على الميت دين؟ إذا كان عليه دين فإنه لا يمكن أن نعفو.
ولو عفونا فإن عفونا لا يعتبر، وهذه مسألة ربما يغفل عنها كثير من الناس. لماذا نقول إنه قبل العفو يجب أن نلاحظ هل على الميت دين أم لا؟ لماذا نقول ذلك؟
لأن الورثة يتلقون الاستحقاق لهذه الدية من الميت الذي أصيب بالحادث ولا يرد استحقاقهم إلا بعد الدين ولهذا لما ذكر الله الميراث قال {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} (النساء: من الآية 11) هذه مسألة تخفى على كثير من الناس وعلى هذا فنقول: إذا حصلت حادث على شخص ما فمات فإنه قبل أن يقدم ورثته على العفو ننظر في حال المجني عليه فإن كان عليه دين لا وفاء له إلا من الدية فلا عفوا؛ لأن الدين مقدم على الميراث، وإن لم يكن عليه دين نظرنا في حال الجاني فإن كان من المتهورين فترك العفو عنه أولى، وإن لم يكن منهم نظرنا في ورثة المجني عليه فإن كان غير مرشدين فلا يملك أحد إسقاط حقهم عن المجني عليه، وإن كانوا مرشدين فالعفو في هذه الحال أفضل.
والحاصل: أن من حسن الخلق العفو عن الناس، وهو بذل الندى؛ لأن بذل الندى: إما إعطاء، وإما إسقاط، والعفو من الإسقاط.
وأما طلاقة الوجه فهي أن يكون الإنسان طليق الوجه، وضد طليق الوجه عبوس الوجه، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: «لا تحقرنّ من المعروف شيئاً، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق».
طلاقة الوجه تدخل السرور على من قابلك. وعلى من اتجه لك، وتجلب المودة والمحبة، وتوجب انشراح القلب، بل توجب انشراح الصدر منك وممن يقابلك ـ وجرب تجد ـ لكن إذا كنت عبوساً فإن الناس ينفرون منك، ولا ينشرحون بالجلوس إليك، ولا بالتحدث معك، وربما تصاب بمرض خطير يسمى بالضغط، فإن انشراح الصدر وطلاقة الوجه من أكبر العقاقير المانعة من هذا الداء داء الضغط. ولهذا فإن الأطباء ينصحون ابتلي بهذا الداء بأن يبتعد عما يثيره ويغضبه؛ لأن ذلك يزيد في مرضه، فطلاقة الوجه تقضي على هذا المرض؛ لأن الإنسان يكون منشرح الصدر محبوباً إلى الخلق.
هذه الأصول الثلاثة التي يدور عليها حسن الخلق في معاملة الخلق.
ومما ينبغي أن يعرف من حسن الخلق حسن المعاشرة بأن يكون الإنسان مع من يعاشره من أصدقاء، وأقارب، وأهل، يكون حسن العشرة معهم لا يضيق بهم ولا يُضِّيق عليهم، بل يدخل السرور عليهم بقدر ما يمكنه في حدود شريعة الله. وهذا القيد لابد منه أعني أن يكون في حدود شريعة الله؛ لأن من الناس من لا يسير إلا بمعصية الله والعياذ بالله وهذا لا يوافق عليه.
لكن إدخال السرور على من يتصل بك من أهل وأصدقاء وأقارب من حسن الخلق. ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: «إن خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي».
وكثير من الناس مع الأسف الشديد يحسن الخلق مع الناس، ولكنه لا يحسن الخلق مع أهله وهذا خطأ وقلب للحقائق. كيف تحسن الخلق مع الأباعد وتسيء الخلق مع الأقارب؟ فالأقارب أحق الناس بأن تحسن إليهم الصحبة والعشرة. ولهذا قال رجل: يا رسول الله: «من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك قال: ثم من؟ قال: أبوك. في الثالثة أو الرابعة».
والحاصل إن إحسان العشرة مع الأهل والأصحاب والأقارب كل ذلك من حسن الخلق، وينبغي لنا في هذه المراكز الصيفية أن نستغل وجود الشباب بحيث نمرنهم على إحسان الخلق لتكون هذه المراكز مراكز تعليم وتربية؛ لأن العلم بدون تربية يكون ضرره أكثر من نفعه. لكن مع التربية يكون العلم مؤدياً لنتيجته المقصودة. ولهذا قال الله تعالى {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} (آل عمران: 79) هذه فائدة العلم أن يكون الإنسان ربانيًّا بمعنى مربياً لعباد الله على شريعة الله.
فهذه المراكز التي نأمل من القائمين عليها أن يجعلوها ميداناً للتسابق في الأخلاق الفاضلة ومنها حسن الخلق. فحسن الخلق يكون بالطبع ويكون بالتطبع ـ كما تقدم ـ وحسن الخلق بالطبع أكمل من حسن الخلق بالتطبع. وأتينا على ذلك بدليل وهو قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «بل جبلك الله عليهما» وحسن الخلق بالتطبع قد يفوت الإنسان في مواطن كثيرة؛ لأن حسن الخلق بالتطبع يحتاج إلى ممارسة وإلى معاناة وإلى تذكر عند وجود كل ما يثير الإنسان، ولهذا جار رجل إلى الرسول عليه الصلاة والسلام قال: يا رسول الله أوصني، قال: «لا تغضب» فردد مراراً قال: «لا تغضب» وقال النبي عليه الصلاة والسلام: «ليس الشديد بالصرعة، وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب».
والصرعة: هو الذي يغلب الرجال عند المصارعة.
إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب، الذي يصرع نفسه ويملكها عند الغضب هو الشديد. وملك الإنسان نفسه عند الغضب يعتبر من أحاسن الأخلاق، فإذا غضبت فلا تنفذ الغضب، استعذ بالله من الشيطان الرجيم، وإذا كنت قائماً فأجلس وإذا كنت جالساً فاضجع،
وإذا زاد بك الغضب فتوضأ حتى يزول عنك.
والمقصود أننا نقول: إن حسن الخلق طبع وتطبع وأن حسن الخلق بالطبع هو الأفضل؛ لأنه يكون سجية الإنسان ويسهل عليه في كل موطن، ولكن التطبع قد يفوته في بعض المواقف.
كذلك نقول إن حسن الخلق يكون بالاكتساب بمعنى أن الإنسان يمرن نفسه، فكيف يكون الإنسان حسن الخلق؟ يكون الإنسان حسن الخلق بالآتي:
أولاً: بأن ينظر في كتاب الله وسنة رسوله الله صلى الله عليه وسلم. ينظر النصوص الدالة على مدح ذلك الخلق العظيم، والمؤمن إذا رأى النصوص تمدح شيئاً من الأخلاق أو من الأعمال فإنه سوف يقوم به.
ثانياً: مجالسة الأخيار والصالحين الموثوق بعلمهم وأمانتهم يقول النبي عليه الصلاة والسلام: «مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كمثل صاحب المسك وكير الحداد لا يَعدمُك من صاحب المسك: إما تشتريه أو تجد ريه، وكير الحداد: يحرق بدنك أو ثوبك أو تجد منه ريحاً خبيثة».
فعليكم أيها الشباب أن تصاحبوا من عُرفوا بحسن الأخلاق، والبعد عن مساوئ الأخلاق وسفاسف الأعمال، حتى تأخذوا من هذه الصحبة مدرسة تستعينون بها على حسن الخلق.
ثالثاً: أن يتأمل الإنسان ماذا يترتب على سوء خلقه، فسيئ الخلق ممقوت، وسيئ الخلق مهجور، وسيئ الخلق مذكور بالوصف القبيح. فإذا علم الإنسان أن سوء الخلق يفضي به إلى هذا فإنه يبتعد عنه.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتمسكين بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ظاهراً وباطناً وأن يتوفانا على ذلك، وأن يتولانا في الدنيا والآخرة، وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب.